الأحد، 22 نوفمبر 2015

فلسفة السبانخ!

أتعرف "أم سعف"؟ لن ألومك إن كنت لا تعرفها، فحتى أنا التي أريد أكتب عنها الآن، معرفتي بها سطحية جدًا!  "أم سعف" هي بطلة مسلسل كارتوني كويتي، لم أشاهد سوى حلقة واحده منه، هذا إن كنت شاهدتها كاملة أصلاً، فلا أتذكر حقًا هل سمعت تلك العبارة أثناء مشاهدة عابرة، أم سمعتها من إعلان عن المسلسل.
لكن من قال أنّه يجب أن تعرف شخصًا ما جيدًا حتى يلهمك؟!
فرغم معرفتي السطحية بأم سعف، كان لها تأثيرًا إيجابيً في تكوين إحدى فلسفاتي في الحياة.. ولنكون معًا على نفس الصفحة، كان ما سمعته هو عبارة من الحوار التالي: 



-
يا أما أبا أقولك شي، بس أخاف تخانقيني !
- هاااا.. شو مسوي؟ شو مغبر؟
- يا أما.. أنا ...أنا ..
- قول ...قول ؟
- أنتي حبيتي أبوي قبل ما تتزوجينه؟؟
- شنو؟ شاكو هالسؤال الحين بموضوعك؟
- يا أما أنا أعيش حالة حب، أنتي أكيد عشتيها مع أبوي قبل الزواج، صح؟
- أنت من صدجك؟... أنتَ شفت أبوك؟ أبوك ما ينحب.. أبوك يتعودون عليه بس!!

ما سمعته كان آخر سطرين فقط! والجزء الثاني من السطر الأخير هو ما كان له الأثر في بداية تكوين فلسفتي الجديدة! العنصر الثاني الذي أكمل هذه الفلسفة هو "السبانخ"!! وعلى عكس "أم سعف"..أنت غالبًا تعرفها، لكن ربما علاقتكما سيئة، صحيح؟
كانت علاقتي بها سيئة منذ الصغر أيضًا، فكنت أتسائل: تلك الكتل الهلامية الخضراء، ذات الطعم الحاد، مَن الذي ظن أنّها تصلح كطعام للآدميين أصلاً؟ أيجب أن يجربوا كل شيء أخضر كالجراد؟ بعض الأشياء لا تُأكل فعلاً!!
لكن مع تقدمي في العمر، أصبحت أكثر تساهلاً مع رغبة البشريين في أكل شيء، ما يهمني الآن هو قيمته الغذائية!!
ولا يخفي عليك فوائد السبانخ، فكون علاقتك بها سيئة لا يتعارض مع إقرارك بكل محاسنها الأخرى. لذا وفي أحد الأيام الشتوية الغائمة التي قامت فيها والدتي بطهي السبانخ الخضراء العتيدة، قررت حينها بأني سآكل السبانخ مهما كان طعمه، أنا كبيرة بما يكفي لأن آكل لأجل الفائدة وليس لأجل الطعم. حينها حدقت في صحني، وحدثت نفسي: أنتِ شايفة السبانخ يا آية؟ السبانخ ما تنحب...السبانخ يتعودون عليها بس!!
ولأنها أصبحت فلسفة من فلسفاتي العديدة كما اسلفت، يمكنك أن تستنتج أني تعودت على السبانخ، وأحببتها..ذلك الحب الهادئ التدريجي الذي يأتي بعد عشرة السنوات. الآن أطلب من والدتي طهي السبانخ كثيرًا، وأطالبها بتخزين البعض في الثلاجة حتى آكلها بعد انتهاء موسم السبانخ!

منذ ذلك الحين، وأنا استعمل عبارة "ما تنحب..يتعودون عليها بس"! مع أشياء كثيرة، أرى فائدتها على حياتي أو صحتي أو تطوري المهني. تعوّدت عليها، وربما أحبها بعد بضعة أشهر أو سنوات. لن يكون كل شيء يساعدني على بلوغ أريد محببًا لنفسي، ومزينًا بالشكولاته وحبات اللولوء السكرية، بعض الأشياء ستبدو كئيبة ومتكتلة كالسبانخ، ونفس المرء تعاف الكثير مما ترى في هضمه النفسي أو العقلي صعوبة، لكن حبي للسبانخ جعلني أؤمن بقدرتي على حب أشياء أخرى عديدة من بعدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق