الجمعة، 20 نوفمبر 2015

العطب المتزايد

جميع ربات البيوت تعلمن أنها حينما تبتاع بعض الفاكهة، وتجد ثمرة واحدة بها شيء من العطب، لا تضعها مع البقية، لأنها بالتأكد ستصيبهم بالعطب كذلك! تبدو الجملة وكأني سأتحدث عن وجوب بعدك عن الثمرة الفاسدة، حتى لا تُصاب بالعطب أنتَ أيضًا. لكن هذا قد يندرج تحت بند "الوعظ" وأنا –كُن على ثقة بذلك- لا أعظ!
ما أقصده هو الثمرة المعطوبة نفسها، تلك البائسة التي وجدت البقعة البيضاء تنتشر على سطحها، ولا تدري ماذا سيكون مصيرها، فإما تكون صاحبة الثمرة حريصة على عدم إلقاء أي شيء خوفًا من حرمانية إهدار النعمة، فتقوم باستئصال الجزء المصاب، وحينها قد تنجح العملية أو تفشل، فبعض الثمرات لا يجدي معها استئصال الجزء الخارجي المعطوب، لأن داخلها أصبح غير صالح للاستهلاك الآدمي أيضًا! أما لو كانت ربة البيت متوجسة بطبعها، فستلقي الثمرة المعطوبة فورًا، دون عمليات أو تساؤلات.
التعامل مع الثمرة المعطوبة أمرًا سهلاً، لكن ماذا عنّا نحن البشر؟ لا يمكننا أن نلقي بالجزء المعطوب في أقرب سلة قمامة دائمًا! لا نملك هذه الرفاهية للأسف.
ولسبب ما أشعر أن ربة البيت عزلتني عن بقية الثمرات، وجعلتني حبيسة صحن صغير، يُلقي عليه بقية مَن في المنزل نظرة اشمئناط ثم ينتقون ثمرة أخرى شهية وبلا عَطَب. فأبقى أنا وحدي، أزداد عطبًا على عطب، حتى تتذكر هي أنّه حان وقت الرأفة بحالي وإتخاذ قرار بشأني.. اسئتصال عطبي أو إلقائي في سلة القمامة.
مَن خضع لعملية جراحية، أو أصيب بكسر إحدى العظام، أو أي إصابة بليغة أخرى، يعلم أن هذا الجرح لا يندمل أبدًا، ومهما بدا متعافيًا سيصيبه بالألم من حين لآخر. حينما يكون مرهقًا أو مريضًا، أو حينما يحل البرد القارس. جروح ربما مرّ عليها ربع قرن، قد تؤلمك فجأة. أحب تسميه هذه الجروح بنقاط العطب، لا يمكن استئصالها، بل ربما تكون هي نفسها نتيجة لاستئصال ما. تلك النقاط التي تؤلم لأسباب مفاجئة وغير منطقية، والتي لا تقتنع بأنها شُفيت لسبب لا يدركه الجرح أو صاحبه. وبعد مواقف عدة، أدركت أن نقاط العطب هذه، ليست بالضرورة نتيجة لإصابة جسدية، بل قد تكون إصابة نفسية أو شعورية، وهذا لا يجعلها أقل تأثيرًا أو ألمًا!
 يقولون أنّك كلما كبرت ستزداد خبرتك بالحياة، ستزداد حدة بصيرتك، وتصبح أكثر صبرًا وحكمة، لكن ليس هذا ما ألاحظه، لسبب ما.. مرور السنوات عليّ يجعلني ازداد عطبًا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق