الجمعة، 13 سبتمبر 2013

I dwell in possibility !




بدافع فضولي المعرفي العزيز سجلت في أحد المواقع في دورة للشعر الأمريكي المعاصر، لا توقعات مسبقة..فاطلاعي على الشعر الأمريكي محدود جدًا، وإن قرأت فغالبـًا تكون النصوص المترجمة هي ما أجده في طريقي..
لكن مع البداية شعرت بشغف خفيف، وقلق من عدم الاستيعاب أو التأقلم مع لعبة تعليمية جديدة، فرغم كل سنين الدراسة تلك لم تتضمن مناهج اللغة الإنجليزية أي نصوص شعرية..وهو لعمري شيء غريب ومحبط ! 

مع أول قصيدة بدؤا في مناقشتها بدأ شغفي بالأمر يتزايد.. I dwell in Possibility   !
قرآتي قبل بداية التحليل كانت نتيجتها الكثير من علامات الاستفهام، رغم الكلمات البسيطة التي استخدمتها إلى أن المغزى بقى مستعصيـًا مبهمـًا بالنسبة لي، فحتى لو كان مستوى معرفتي باللغة الإنجليزية لا بأس به وجدت في نفسي حالة افتقار تام للقدرة على استشفاف المعنى أو حتى الإحساس من القراءة الأولى كما يحدث في الشعر العربي..لتتأكد وجهة نظري بأن الثقافة اللغوية والإحساس الجمعي بالمفردات شيء خاص بلغتك الأم ولن تكتسبه إلا بعد محاولات عديدة مع أي لغة أخرى !

 حينما بدأت المناقشة بدأت الاحتمالات في الظهور .. بدأت الرؤية تتضح، لأجد في النص احتمالات أخرى خاصة بي، ولأدرك أن إحساسك باللغة وفهمك لها يتغير كليـًّا لو درستها وتذوقتها من منظور فني كالشعر ! 

تلك القصيدة تحديدًا، جعلتني أبلور مفهومـًا عن الأدب عمومـًا والشعر خصوصـًا، فدنيا الاحتمالات الشعرية التي تراها ديكنسون منزلها، أجدها حرفة الأدب وسر روعته، فالاحتمالات اللانهائية هي ما تجعل الأمر فنـًا..لأن كل قاريء يجعل النص ملكه بشعوره وحده الذي لن يماثل شعور أي قاريء آخر ! 

وبقدر ما تحويه القصيدة من انفتاح حسي يسكن خيال ديكنسون بعكس حياتها الواقعية، بقدر ما وصل لي إحساسها براحتها من احتلال الشعر لوجودها.. عندما انتهوا من مناقشة القصيدة شعرت بأن الإحساس بدأ يصلني كما يحدث عندما اقرأ قصائد درويش أو الشابي ..أو لنقل وصلني الكثير منه، وهذا في حد ذاته مثير بما يكفي برأيي ! 


الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

أميرة الماس.. سارة





العام الماضي قرأت "الحديقة السرية The Secret Garden   " ولازلت أذكر مدى الحيوية والحماس اللذن أصاباني بسبب قراءتها.. كانت طفولية إلى حد كبيرة ، لكن رغم هذا تماهيت معها أيما تماهي .. شعرت بالغرابة من انفعالي واستمتاعي إلى هذا الحد برواية تصنف كرواية أطفال ! 


ولتكرار تلك التجربة المبهجة قررت قراءة شيء آخر لنفس المؤلفة، فكانت قراءتي لرواية " الأميرة الصغيرة A little princess "   ومع الفصل الأول اكتشفت معرفتي بقصتها ، فلا يمكنني نسيان الآنسة منشن ، ودميتها إيميلي  .. ولسبب ما اختارت شركة الدبلجة تغيير اسم سارة لـ سالي في مسلسل الأنمي الذي تابعت بعض حلقاته منذ زمن .. أذكر مسحة الحزن والبؤس التي تحتويها القصة ، ورغم تبدد أملي ببهجة أثناء القراءة أكملت رحلة سارة، ولم تخيب الكاتبة ظني، رغم الأسلوب البسيط والشخصيات المحدودة، الرواية ممتعة. 


فلا يمكنك ألا تحب سارة، ولن تتوقف عن الاستمتاع بما تختلقه بخيالها لتتغلب على ما أصابها، فبعد ما كانت محط أنظار كل طالبات مس منشن، بعد موت والدها أصبحت أقرب للخادمة، جردتها مس منشن من كل شيء، لكن بقي لسارة خيالها المبهر الذي أصرت فيه على أنها ورغم كل ما يحدث لها ستكون أميرة، وستتصرف كأميرة، فمن السهل أن تتصرف كأميرة وهي في وضعها السابق تمل كل ما تريد من أشياء أو مال وحاشية !

كم سيكون صعبـًا أن تبقى أميرة وهي تُعامل كخادمة من الجميع تقريبا، سيكون اختبارًا حقيقـًا لها ولرغبتها ..بألا تكون أي شيء آخر سوى سارة ..الأميرة سارة، مهما رأت ومهما حدث لها .. حتى لو سكنت في غرفة بائسة وباردة على السطح وحتى لو تلطخت ثيابها بوحل المطر، ستبقى كما هي ! 


انتهت الرواية نهاية سعيدة كالحديقة السرية، وعادت لسارة ثروتها وأصبح رفيق والدها بمثابة أب جديد لها، ولا أرى مشكلة بأن تنهي رواياتها بطريقة سعيدة .. لا داعي لأن نعلم الأطفال منذ البداية أن النهايات السعيدة شيء مستعبد وخيالي !


 كان شعوري أثناء القراءة أن تلك الروايات كان ينبغي قراءتها عندما كنت صغيرة، فمدى ما تمنحه تلك الرواية من أمل على مقاومة كل شيء مهما كان صعبـًا  لتبق كما تريد أنت أن تكون ، حتى لو تحملت النظرة الدونية من الآخرين ، تثابر وتحتفظ بصورتك كما هي رغم أنفهم، هذا شيء ينبغي تعلمه منذ زمن، وقدمته الرواية بطريقة بسيطة إلى حد خلاب !
ستعلمهم سارة كيف يكون الخيال سلاح جبار لتصنع يوتوبيا خاصتك حتى تمر العاصفة، بلا أن تحن رأسك فأنت تتحمل كل شيء بطريقتك وبخيالك، تتحمله باستمتاع أحيانـًا لأنه يثبت لك كم أنتَ صلبـًا ولاتتنازل.. وأنك ستكون يومـًا ما تريد .. كما فعلت هي ! أن تتأ

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

لتر واحد من الدموع




أن تتخلى عنك قدراتك واحدة تلو الأخرى ..ليس بالشيء السهل، أن تبدأ بأعراضٍ بسيطة مثل اختلال توازن وتنتهي لإنسان لا يقدر على الكلام أو الحركة أو الأكل.. والأدهي أن كل هذا مع عقل كامل الوعي.. ويبق كل المتاح لك هو التواصل بإصبع بطيء يتحرك بتثاقل على لوحة الأحرف..لتخبرهم-بعد عناء- بما تريد !



كانت بدايتي مع "آيا" تدوينة لصديقة لي في إحدى المنتديات، كتبت فيه عن دراما/مسلسل "لتر واحد من الدموع"
أذكر أن فضولي دفعني للمشاهدة حينها، فأصبحت تلك الدراما مِن أكثر ما شاهدت إلهامـًا في حياتي ..
ولتزيد المناديل بلّة كان اسم البطلة ينطق كاسمي "آيا" .. ليكون تأثري معها أكبر !
ومنذ انهيتها وددت لو أجد تلك اليوميات التي قامت على أساسها الدراما !


يستهجن الكثيرون مشاهدة أو قراءة شيء مثل هذا، باعتبار أنه ليس من الذكاء أن يشاهد المرء أو يقرأ شيئـًا يحتوي على كل هذا القدر من الكآبة ، فالدنيا بائسة بما يكفي ولسنا بحاجة للمزيد.. فيكون جوابي دائمـًا : " لكنها كآبة مشبعة بالأمل " !
فأكثر ما سيدهشك ويجعلك تمتلىء احترامـًا تجاه آيا هو مقاتلتها حتى النهاية، رغم معرفتها بألا أمل من العلاج و أن حالتها فقط ستزداد سوءًا فمرضها – ضمور المخيخي 
spinocerebellar degeneration- سيأتي على قدراتها واحدة تلو الأخرى .. ثابرت بقدر ما استطاعت حتى تؤخر من تقدم المرض، لم تركن للراحة رغم معرفتها بأن النهاية واحدة لن تتغير مهما فعلت ! 


أحد المشاهد التي لا أنساها في الدراما عندما كانت تكتب حتى يسقط القلم من يدها، فمع صعوبة حركتها التي تسوء باستمرار أصبحت حتى الكتابة مجهودا ليس بالسهل عليها، كانت آيا تكتب لأنها تخشى ألا تتمكن غدًا من الكتابة.
كانت تريد أن تترك أثرًا وأن تشعر بأنها حتى مع حالها هذه بإمكانها مساعدة الناس بطريقةٍ ما !
لو تعرف كم ألهمت الكثيرين، فأنا ولدت بعد موتها، وهي مصدر إلهام دائم بالنسبة لي !


علمتني آيا ألا أعتبر نعمة الصحة شيئـًا دائمـًا مستحقـًا سيظل معي للأبد، قد يأتي يومـًا وأفقد ما لدي !
علمتني أنه مهما كانت النهاية تبدو محبطة ألا أستسلم، أن أثابر حتى آخر لحظة !
جعلتني أجد شيئـًا جيدًا حتى في سقوطي "فإن تطلعت للسماء سأجدها تبتسم لي لأني لازلت حيّةً " !


من الصعب حصر ما علمته لي في نقاط، يكفي الإحساس الذي سيصلك بالمشاهدة أو القراءة ..سترى صراع مشاعرها بين إحساسها بالانهيار ورغبتها بالقوة، ستدرك مدى صعوبة أن تتمسك بأمل أنت مدرك أنه لا يفضى لشيء..ونهايةً تأكد أن آيا ستلهمك، بشكل يصعب نسيانه !

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

كانت لنا ..أوطان


وأبي قال مرة:
الذي ماله وطن
ماله في الثرى ضريح
ونهاني عن السفر
- محمود درويش 

أول أيام العيد، بعد مكالمة هاتفية قصيرة أجراها أبي .. سألني يتأكد من صحة اسم ابنة عمي، أهو بالميم أو النون ؟. محتارًا بين اسمين على نفس الوزن .. أجبته مع تساؤلات وخواطر بدأت تنخر في داخلي، متى آخر مرة رآها ؟ وأعصر ذاكرتي محاولة لمعرفة هل رآها أصلاً ؟
كيف يشعر وكل أهله بعيدين  إلى هذا الحد..إلى الحد الذي يصبح معه غير واثق من صحة الأسماء !
كيف يشعر وبلاده محرمة عليه منذ أكثر من ثلاثين عامـًا.. لم يقل وداعـًا لوالده أو والدته، ولم يتح له حتى أن يقرأ الفاتحة على قبرهما.
اتسائل ما فائدة جواز السفر الكحلي الأنيق الذي يحمل اسمه، إن لم يتح له دخول وطنه مجددًأ،
وأذكر نفسي أنه حتى أنا ربما تمر السنين قبل تمكني من رؤيتها ثانية ، وإن فعلت أي ركام وأي بؤس سيستقبلني هناك بعد كل ما حدث، حتى لو تم محيه على عجل ، أشباحه ستظل باقية لأبعد مما أتخيل !
ودومـًا سأبقى مندهشة كيف يجرؤ البعض على تسمية بلادنا هذه أوطانًا، كيف يصبح الوطن مزرعة خاصة لأحدهم، وكيف لو قررت الخراف أن تتمرد سيحرق كل ما فيها !
أليسَ للوطن معنىً أسمى ؟ هل الحنين له يكفي ؟ أم البكاء على أطلاله وتقديس ما بقى من رماده ؟
كيف يسمًّوه وطنـًا ونحن نعجز حتى عن تعديل حجرٍ واحد فيه..حتى لو أقنعونا بالعكس !
أي جراءة واتت ذاك الأب لينهاه عن السفر ؟ أم كان يقصد ثرى وطنك يتحرَّق لاحتواء ضريحك ؟
لو رأى ذاك الأب ما أراه الآن لعلم أن الوطن كله غدى الضريح..وأنّا لم يبقَ لنا سوى النحيب، وقبول العزاء !

أتبدو كلماتي السابقة مغرقة في الميلودراما ..و ربما من المناسب جعل الموسيقى التصويرية لها موال كاظم الساهر " يا دنيا أنتي الحرمتيني من أهلي " ..لتشعر بالحالة بشكل أفضل !
لا أحب الدراما الواقعية بطبعي ، لكن التغيير مفيد للصحة كما تعلم !

السبت، 24 أغسطس 2013

تــذكــر




تذكَّر كلما صلَّيت ليلاً
ملايينًا تلوك الصخرَ خُبزا.
على جسر الجراح مشت وتمشي
وتلبسُ جلدها وتموتُ عزَّا.
تذكَّر قبل أن تغفو على أى وسادة
أينام الليل من ذبحوا بلاده؟
أنا إن مِتُّ عزيزاً إنما موتي ولادة.
قلبي على جُرحِ الملائكةِ النوارس
إنى أراهم عائدين من المدارس
باست جبينهم المآذن والكنائس
كتبوا لكم هذا النداء
وطني جريحٌ خلف قضبان الحصار
فى كل يومٍ يسقط العشرات من أطفالنا
إلى متى هذا الدمار
جفَّت ضمائركم ما هزَّكم هذا النداء
هذا النداء رقت له حتى ملائكة السماء
جفَّت ضمائركم وما جفَّت دموع الأبرياء

،، 





غنى كاظم هذه الأغنية في أول حفلة دُعي لإحيائها في دبي، كانت الأولى بعد حرب الخليج،
 يومها طلب من الشاعر كريم العراقي كتابة أغنية عن أطفال العراق ،
 أنجز كريم الكلمات في الليلة السابقة للحفلة، ولحنها كاظم في الفجر قبل سفره ..
عاتبه الناس حينها بأن تلك حفلتك الأولى في الخليج بعد حصار طويل، 

لِمَ تغني شيئـًا كهذا، لِمَ لا تغني ما يبهج أكثر !! 


،،

سمعت تلك الأغنية من فترة قريبة، ولم أتمالك دموعي حينها، نفس التاريخ البائس يتكرر !
 لا أتحدث عن ملابسات الوضع ومدى اختلافه أو تماثله مع حصار العراق في التسعينات.
ما أجده متطابقـًا هنا  هو بؤس البسطاء والأطفال في أي حربٍ أو محنة ..
ما أجده مشابهـًا هو اللامبالاة المستفزة التي يرقب بها العالم المتحضر موت الأطفال وبؤسهم، 

عن ضمير من بيده الحل وكيف نجح في إسكاته، أو لنقل قتله والتمثيل بجثته ! ..
عن إحساس من ترك بلده حتى لا يرى أطفاله في وضع كهذا، 

وإحساس من منعه الفقر أو العزة من المغادرة ، 
ودومـًا ما يؤرقني سؤاله " أينامُ الليلَ من ذبحوا بلاده؟ " ؟؟؟

،،

الاثنين، 5 أغسطس 2013

عن البقاء هنا - 2

2 

أحلام مشوّشة




أنا أعترض على مَن يعش حياته دون أحلام، انتقد لا مبالاته الشنيعة لأنه ترك مقود حياته للريح..دومـًا أشجع فكرة البحث عن الأحلام وملاحقتها والمثابرة لتحقيقها ! 


لكن ما الحلم ؟ ما هي أبعاده؟ كيف تعرف أنك تسير في الطريق الصحيح أو إن كنت تسير في طريق آخر أصلاً..
الإجابة المنطقية: الحلم هو أكثر شيء تريد تحقيقه في هذا العالم وإن حققته ستموت مرتاحـًا وتتنهد هامسـًا آه لقد فعلتها وأديت ما عليّ قبل الموت ..فالأسطورة تقول أن حلمك هو سبب وجودك ها هنا، هو البصمة التي لا يستطع أحدًا غيرك وضعها في هذا العالم. وإ
ن نَقبتَ كما يَنبغي ستجدُ الإجابة بداخلك وهي ستدلك على الطريق


وكأن الأمر بهذه البساطة !
لا أتحدث هنا عن البساطة وسهولة الوصول للحلم فلا معنى له إن لم يكن صعبـًا تدفع له ثمنـًا غاليـًا، لكن أتحدث عن معرفتك لحلمك، عن ثقتك بأن هذا هو ما تريده.. عن قناعات تتغير كل يومٍ كالحرباء وكلما تغير ما حولها تغيرت.. أنت لا تتخلى عن حلمك لاقتناعك بصعوبة تحقيقه، بل تتخلى عنه لأنك تعترف لنفسك بصراحة صادمة "لا .. ليس هذا ما أريده ! ..ليس بعد اليوم ! " 

وقد تكون جبانـًا وتستمر في التعب حتى تصل لمكانٍ تخيلت أنه يعني لك الكثير يومـًا، لكنه الآن لا يتجاوز
حُلماً تمنيته لفترةٍ وأكملت الطريق لتحقيقه فقط لأن كرامتك أبت أن تستسلم وعنادك رفض الاعتراف بأن الأحلام أيضـًا تتغير وتتحول، وغالبا ما تكون زئبقية صعبة الحفظ إلا بتقنياتٍ خاصة ! 


رغم كل هذا ليس مبررًا أن نتخلى عن فكرة الإيمان بوجود الأحلام وقوتها وتأثيرها على حيواتنا.. لنبحث عن أحلامنا بشعور صادق وخيال خلّاق .. ستبدو لنا بعيدة غير واضحة لكن لنتذكر أن الأحلام التي نلاحقها ليست سرابـًا لكنها فقط صورة بعيدة (مغبشّة) بغبار الأيام ويومـًا تلو الآخر ستزداد وضوحـًا..لنأمل ذلك ونرى !




 30/7/2013

      ،،        ،،

عن البقاء هنا - 1

1

وجودك .. مغامرة !




مِن الصعب حقـًا إحصاء المرات التي وقفت فيها محدقةً في السماء بأمل، علّها تُلهمني الإجابة !
لا أدري كمّ التساؤلات الخرافية التي آتي بها كل مرة، وأعرض فيها  مدى حيرتي وقلة حيلتي اتجاه ما يحدث، لكن لو تحدثت عن تساؤل مشترك كان في عقلي ويطفو على السطح  دومـًا - كلما أغراني بياض الغيوم لملئه بعلامات الاستفهام والتعجب - سيكون سؤالًا واحدًا يتكرر كل مرة !
لِماذا أنا هُنا ؟ أدري أن الإجابة التي ستكون على لسان كل مَن أسأله، أن الله ما خلقنا إلا لنعبده، أعلم هذا، بالله عليك حتى لو لم أكن أعلم فقد حفظت الآية من فرط ما كررتموها على مسامعي، أريد ما بعد ذلك، هذا رأس الجواب  فقط يا سادة..الجملة الأولى، ألا يكملها أحدكم حتى النهاية، وحتى إن تلطف أحدكم وفعل .. أعلم عنادي وأدرك أني سأُشَكِكُ بصحة جوابٍ أتى مِن عقلٍ آخر، مِن وعي يرى بعيونٍ غير عيوني !

والمصيبة أن السؤال يأتي مع أصدقائه مِن نوعية " هُنالك حكمة مِن وجودك في هذا الزمن ؟ " فتكون إجابتي واجمة : ألا يوجد زمن أفضل قليلًا..ثم أكمل لنفسي أن كل الأزمنة دمويّة كئيبة هذا لا يتغير ! وسؤال آخر مثل " لِماذا هُنا ؟ لِمَ لم تكني فتاة أسبانية بشعر أحمر وعينين خضراوين ؟ أو فتاة من اليابان بعيون عسلية وشعر كستنائي ؟ ما الذي ألقاكِ ها هنا؟ ألم تجدي مكانـًا أفضل؟ .. لن تكون إجابتي إلا بنفس الوجوم :أنا لم أختر بالمناسبة .. وينساب في خاطري عدد المرات التي فكرت فيها أنني كائنٌ من كوكبٍ آخر أتى لاستكشاف كوكب الأرض، محى الكوكب الأم ذاكرته، حتى لا يتصرف بغرابة، لكن عقله اللاواعي ظل عارفـًا بالحقيقة، ولا يسمح للكائن بالتأقلم كما ينغي .. علماء كوكبي الأم، هذا لا يُغتفر.. عليكم إتقان عملكم إن كنتم قررتم إرسالي لهذا المنفى ! 

وحتى وجود إثبات أو نفي للنظرية الأخيرة، فأنا قررت البحث عن إجابة، عن سبب وجودي .. رغم كل ذاك الألم، رغم كل تلك الكوابيس المحيطة.. البحث عن جواب لا مفر منه، وريثما أجده، وجودي في حد ذاته مغامرة تُحسب لي، هذا بحاجة لشجاعةٍ وصبر، فليسَ مِن السهل أبدًا البقاء هنا ؟ ألا تتفق معي ؟؟

20/7/2013 

      ،،        ،،