الاثنين، 2 سبتمبر 2013

لتر واحد من الدموع




أن تتخلى عنك قدراتك واحدة تلو الأخرى ..ليس بالشيء السهل، أن تبدأ بأعراضٍ بسيطة مثل اختلال توازن وتنتهي لإنسان لا يقدر على الكلام أو الحركة أو الأكل.. والأدهي أن كل هذا مع عقل كامل الوعي.. ويبق كل المتاح لك هو التواصل بإصبع بطيء يتحرك بتثاقل على لوحة الأحرف..لتخبرهم-بعد عناء- بما تريد !



كانت بدايتي مع "آيا" تدوينة لصديقة لي في إحدى المنتديات، كتبت فيه عن دراما/مسلسل "لتر واحد من الدموع"
أذكر أن فضولي دفعني للمشاهدة حينها، فأصبحت تلك الدراما مِن أكثر ما شاهدت إلهامـًا في حياتي ..
ولتزيد المناديل بلّة كان اسم البطلة ينطق كاسمي "آيا" .. ليكون تأثري معها أكبر !
ومنذ انهيتها وددت لو أجد تلك اليوميات التي قامت على أساسها الدراما !


يستهجن الكثيرون مشاهدة أو قراءة شيء مثل هذا، باعتبار أنه ليس من الذكاء أن يشاهد المرء أو يقرأ شيئـًا يحتوي على كل هذا القدر من الكآبة ، فالدنيا بائسة بما يكفي ولسنا بحاجة للمزيد.. فيكون جوابي دائمـًا : " لكنها كآبة مشبعة بالأمل " !
فأكثر ما سيدهشك ويجعلك تمتلىء احترامـًا تجاه آيا هو مقاتلتها حتى النهاية، رغم معرفتها بألا أمل من العلاج و أن حالتها فقط ستزداد سوءًا فمرضها – ضمور المخيخي 
spinocerebellar degeneration- سيأتي على قدراتها واحدة تلو الأخرى .. ثابرت بقدر ما استطاعت حتى تؤخر من تقدم المرض، لم تركن للراحة رغم معرفتها بأن النهاية واحدة لن تتغير مهما فعلت ! 


أحد المشاهد التي لا أنساها في الدراما عندما كانت تكتب حتى يسقط القلم من يدها، فمع صعوبة حركتها التي تسوء باستمرار أصبحت حتى الكتابة مجهودا ليس بالسهل عليها، كانت آيا تكتب لأنها تخشى ألا تتمكن غدًا من الكتابة.
كانت تريد أن تترك أثرًا وأن تشعر بأنها حتى مع حالها هذه بإمكانها مساعدة الناس بطريقةٍ ما !
لو تعرف كم ألهمت الكثيرين، فأنا ولدت بعد موتها، وهي مصدر إلهام دائم بالنسبة لي !


علمتني آيا ألا أعتبر نعمة الصحة شيئـًا دائمـًا مستحقـًا سيظل معي للأبد، قد يأتي يومـًا وأفقد ما لدي !
علمتني أنه مهما كانت النهاية تبدو محبطة ألا أستسلم، أن أثابر حتى آخر لحظة !
جعلتني أجد شيئـًا جيدًا حتى في سقوطي "فإن تطلعت للسماء سأجدها تبتسم لي لأني لازلت حيّةً " !


من الصعب حصر ما علمته لي في نقاط، يكفي الإحساس الذي سيصلك بالمشاهدة أو القراءة ..سترى صراع مشاعرها بين إحساسها بالانهيار ورغبتها بالقوة، ستدرك مدى صعوبة أن تتمسك بأمل أنت مدرك أنه لا يفضى لشيء..ونهايةً تأكد أن آيا ستلهمك، بشكل يصعب نسيانه !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق