الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

فن التكوّر!

كان منزل جدتي القديم به حديقة، أو كما يسمونها في سوريا "أرض دار"، وهي تختلف نوعًا عن الحديقة كما اعتدنا عليها، فبعد الخروج من المنزل ستجد باحة واسعة وبعدها تبدأ منطقة الطين التي تحوي المزروعات والشجر. قضيت في تلك الحديقة الكثير من أجمل أيام طفولتي، كنت أحب الاستيقاظ على صوت الطيور يوميًا، لأن شجرة التين العملاقة كانت مأوى لمئات الطيور، وأحبها مساءً حينما تداعبنا نسمات الصيف، فصيف سوريا وحمص بالتحديد ليس شديد الحرارة والرطوبة كصيف القاهرة.

في تلك الحديقة كان هناك كائن ما، لا أدري إلى أي فصيلة ينتمي، لكنه قريب جدًا من الدود، كانت حشرة سوداء اللون، تمشي ببطء شديد كالدودة، وإذا ما حاولت دهسها أو حتى شعرت باقترابك منها تتقوقع! أجل حرفيًا تتقوقع، أو تتكوّر أو سمّها ما تشاء، فهى تتحول إلى كرة مكتملة شديدة التماسك، حتى أنه يصعب التصديق أن تلك الدودة تحولت إلى هذه الكرة! والحقيقة أني أكره الحشرات جدًا، وأعاني حالة تقارب الفوبيا منها، وكلما رأيت حشرة يبدأ جسمي بالشعور بالحكة وكأن الحشرات هاجمتني واجتاحت أسفل جلدي! لكن هذه الحشرة لم تجعلني أشعر بهذا، جعلتني أجلس وأتأملها منبهرة! كان الصغار من أقاربي كلما وجدوا واحدة ذهبوا ليدهسوها أو بالأحرى ليحاولوا دهسها حتى تتكور، فهم يستمتعون باللعبة، وكنت أنا أقف بصمت ودون حركة حتى أراها تعود لتفرد نفسها من جديد وتمشي كأنها لم تكن كرة منذ ثوان!

كنا نكرر اللعبة كثيرًا معها، حتى أني أشفق عليها الآن من مدى ساديتنا ونحن صغار، فكلما فردت نفسها يهاجمها أحدنا لتتكور من جديد! المشكلة الآن أني لا أملك أدنى فكرة عن الاسم العلمي لهذه الحشرة سواء باللغة العربية أو اللغة الإنجليزية. كل ما أعرفه عنها أنها تمشي وتتكور، واسمها المعتمد في سوريا هو "أم علي الدعبلي"!! واضح أن القسم الثاني من الاسم أتي من قدرتها على "التدعبل" أي التكوّر :D  ! أما عن القسم الأول فلم تسعفني قدراتي على الاستنتاج على معرفة سبب تسميتها به. لا أدري ما الذي ذكرني بها منذ بضعة أيام، ربما لأني أتقوقع وأتكوّر مثلها، كلما شعرت بخطرِ ما، وأتكوّر كلما انزعجت، ربما لأني أشعر أن التكوّر سيجعل دهسي أكثر صعوبة كحال المسكينة أم علي الدعبلي. لسبب ما أشعر بأن خطوب الدنيا تعاملني كما كنا نعاملها. تنتظر أن انتهي من تقوقعي وكلما بدأت بالمشي تعود لمحاولة دهسي مجددًا، لأتكور وتقف هي لتتأملني وتتسلى على تقوقعي ثم محاولتي لفرد نفسي. وأنا أتخيل هذه الصورة أتت صورة مضحكة أخرى لخيالي وهي أن تلك الخطوب شبيهة بالعمالقة في أنمي Attack on Titan  لها أطوال وأشكال وطبائع مختلفة، بعضها غبي لا يفهم، وبعضها يحمل ذكاء البشر وشرورهم. ولسبب ما أيضًا تذكرت إحدى المشاهد التي حُبس فيها بعض الجنود في بناية ما، وحينما اقترب العمالقة قرر أحدهم الانتحار مفضلاً الموت على مواجهة العمالقة وهو أعزل. 

المفترض أن تلك الصورة الأخيرة تجعلني أشعر بالبؤس وقلة الحيلة لكنها جعلتني أضحك بشدة، ولا أقول هذا لأجعلك تؤكد ظنونك باختلال قواي العقلية، لكن لأن شكل أولئك العمالقة مضحك! كل من تابع الأنمي بالتأكيد يدرك أن شكلهم مضحك، ومهما كان المشهد مأساوي وأيًا مَن كان الشخص البائس الذي يُأكل يبقى شكلهم مضحك !!
انظر لهذه الصور مثلاً:






أتمنى أن أضحك هكذا كلما خرجت من حالة تقوقع ورأيت خطبًا عملاقًا يحاول التهامي، سأحاول تخيله كهذه العمالقة المرحة مبهجة الشكل ربما يهوّن هذا من سوء الموقف. من الأفضل أن يأكلونني وأنا أضحك بهستيريا على أشكالهم العجيبة! 

هناك تعليق واحد:

  1. شركة مكافحة صراصير بمكة
    ان مكافحة حشرات بمكة هو عملنا حيث اننا شركة مكافحة صراصير بمكة تساعدك فى التخلص من الصراصير التى تتواجد بمنزلك و تسبب لك الكثير من الشعور بالضيق و الازعاج .. فقط عليك التواصل معنا حتى نساعدك فى التخلص من الصراصير و ايضا الحشرات الاخرى فنعمل على مكافحة النمل الابيض بمكة , مكافحة العته بمكة
    مكافحة حشرات بمكة
    https://elbshayr.com/3/Pest-control

    ردحذف