الجمعة، 4 سبتمبر 2015

إن كنت أحبه حقًا !








ببساطة ..أنا أحب الدراما، وأحب الموسيقى الكلاسيكية، لذا حينما يجتمع الاثنان أهيء نفسي لجرعة من الإلهام، أو على الأقل لمقطوعات جديدة سأسمعها وأتعرف عليها عبر الدراما.
الإلهام الذي أتحدث عنه قد يأتني من مشهدٍ قصير، ربما أعتبره ثمرة مشاهدتي لكل تلك الحلقات الطويلة.
أعلم أن رواية مشهد محدد ليس بالأمر الممتع، ولا يوف الدراما أو الممثلين حقهم، فالقارىء هنا ليس مُلمًا بخلفية الشخصيات والأحداث، لكن سأحاول إيصال الصورة حتى أصل للمشهد المعني. 


في دراما "Tomorrow's Cantabile"، تعرفت على عازف التشيلو اللطيف دائمًا، الذي يلمس عزفه شغاف قلوب الجمهور بشكل مبهر، وفوق كل هذا هو عبقري وطالب في معهد جوليارد العالمي.. من يتابع الدراما الكورية كثيرًا يعرف أن هناك شخصيات ترسمها السيناريست بحيث يستحيل ألا يحبها المشاهد، ذلك العازف كان أحد هذه الشخصيات، وككل الشخصيات التي يحبها المشاهد جدًا يجب أن تضع السيناريست اللمسة المأساويّة  المعتادة حتى تتلذذ برؤيتنا نعاني مع تلك الشخصية، فهي تحسب أن إبكاء المشاهد أحد المتطلبات الأساسية في صنعتها! عازف التشيلو -اللطيف دائمًا وأبدًا- يده مصابة، وعصب يده بحاجة لعملية جراحية حتى يتوقف الألم الدائم وتعود يده لطبيعتها، لكن بعد تلك الجراحة احتمالات عودته لعزف التشيلو ضعيفة جدًا! 
كان من المفترض أن يخضع لتلك الجراحة، لكنه بعد أن سمع بطلة الدراما تعزف إحدى المقطوعات ، رغب بأن يستطيع العزف بانسيابية مذهلة مثلها ، وأراد أن يقوم بآداء ثنائي معها، قام جاهدًا بإقناعها، والتدرب معها رغم الألم الشديد الذي يجتاحه كلما عزف.

ويوم الحفل، وحينما حان موعد البروفة النهائية قبل الحفل بساعات، راودت البطلة -وهي طالبة في معهد موسيقي- كل المخاوف القديمة التي تصاحبها كلما عزفت أمام جمهور..حينها رأى البطل أن إلغاء العزف الثنائي أمر محتوم، وذهب ليبلغ عازف التشيلو بذلك، ليفاجئ بإصراره الشديد على الآداء مهما كانت الظروف ، يستنكر البطل تغيُّر عازف التشيلو المفاجيء، وتلاشي لطفه المعتاد، ويطالبه أن يقنعها بلطف كما يفعل دومًا.. حينها يلاحظ أن اليد اليسرى للعازف ترتعش، ويتذكر موقف منذ بضعة أيام عندما رأى عازف التشيلو يتلوى ألمًا لمجرد أنه أبعد له يده ببعض القوة..

يسأله عن حال يده، التي تبدو غير مؤهلة للعزف أصلاً، عن نوع الإصابة ولماذا يتحامل على يدٍ متعبة فعلاً!
حسنًا، حسنًا.. سأترجم الحوار من المشهد حتى أضعكم في الصورة XD ! 

البطل: أنت لست في حالِ يسمح لك بالعزف..أليس كذلك؟
عازف التشيلو: يمكنني العزف! 
البطل: العزف الثنائي ملغي.
عازف التشيلو : أنت تبالغ ! لن تُدّّمر يدي بسبب آداء واحد! 
البطل: إن كنت لازلت تشعر بالألم حتى بعد تناول المسكنات فهذا يعني أن وضعك خطير.
  لن أدع ذلك يحدث. سأبلغ المعهد بالأمر. 

عازف التشيلو: لا تتدخل فيما لا يعنيك! سأعزف اليوم كما هو مخطط.
  بذلت الكثير حتى أستطيع التماسك حتى الآن!

عازف التشيلو: متى ..بدأت بالعزف على البيانو؟  ربما منذ نعومة أظافرك.
وأنا أيضًا... في ذكرياتي أنا دائمًا مع التشيلو.
قيل لي أني بدأت بتعلم العزف منذ كنت في الثالثة من عمري.
مضى عشرون عامًا على ذلك.
لو أجريت الجراحة على عصب يدي فاحتمال قدرتي على عزف التشيلو مجددًا تقارب الصفر.
وحتى لو عزفت مجددًا... كم سأستغرق من الوقت حتى استطيع العزف بنفس المهارة؟
آداء اليوم هو وداعي لصديق العشرين عامًا.
إنّه قداس موتى أقدمه لذلك الصديق. 

البطل: يالك مِن ثرثار!   قداس موتى؟  هذا يعني أن وضع يدك خطير حقًا!
لو أني مكانك لعالجت يدي أولاً بدلاً من الثرثرة!
لم أكن لأقوم بشيء يُجهد يد تتألم أصلاً!

عازف التشيلو: لا تقل ما تشاء لمجرد أنها ليست مشكلتك! 
-- --
البطل: ماذ؟ قداس موتى؟
أنت لم تعالج يدك حتى تقوم بهذا الآداء؟
لو أني مكانك لما فعلت ذلك أبدًا !
سأعزف ثانيةً حتى لو كان عليَّ أن أحصل على يدين جديدتين! 

عازف التشيلو: أحصل على يدين جديدتين؟
أعود لما كنت عليه في الثالثة من عمري، وابدأ من جديد؟


البطل: إن كنت أحبه حقًا.. ما كنت لأستسلم حتى لو كان عليَّ التعلم مع الأطفال.
أنتَ لا تملك الثقة لتبدأ من جديد..لهذا أنتَ تهرب مبتعدًا. 






ينتهي مشهدي الملهم هنا :D ! لكن سأخبركم أن البطلة تمالكت خوفها وذهبت للبروفة النهائية، ليعتذر عازف التشيلو عن تأخره عليها .. تشكره البطلة على عزف هذا الثنائي لأنه بداية جديدة لها .. بداية لكل ما هو آتٍ مهما كان. 
أثناء البروفة يتوقف عازف التشيلو عن العزف، متذكرًا كلمات البطل...ثم يلتفت معتذرًا لها عن أنانيته، لأنه كان يريد من آداء اليوم أن يكون قُداس موتى بينما تعتبره هي بدايةً لها.
غادر لأنه لم يرد تقديم قداس موتى لصديقه القديم، فهو
الآن يمتلك الشجاعة ليبدأ من جديد !


*** 


منذ بضعة أيام كنت أشاهد فيلمًا عن ثلاثة شباب في العشرين من عمرهم، كان أحد الشخصيات يتسائل في مندهشًا لماذا لا يتوقف الناس عن إخبارهم أن تلك السنوات هي أفضل سنوات العمر، فهم في حيرة من أمرهم والفوضى تضرب أطنابها في حياتهم، تتجاذب أطرافهم الأحلام البراقة تارة والواقع الأليم تارة أخرى... تساءل حينها أيضًا إن كان الناس يتحدثون عن وضع البشرة :D !  
< التي تكون في أحسن حالاتها في العشرينيات من العمر. 
المهم أن نفس الشخصية اهتدت إلى أن ما يقصده الناس هو الوقت والشجاعة اللذان يملكهما فتى العشرين مما يمكنه من الاستدارة في منتصف الطريق متى لاحظ أنه حاد عن ما يريد، ليعاود البدء مجددًا. 


وكما فعل صديقي العزيز عازف التشيلو، سأتملك الشجاعة لأبدأ مجددًا.
ربما عليّ قول ابدأ مجددًا في ماذا تحديدًا؟
حسنًا.. القائمة تطول.. تترأسها الدراسة والترجمة..ثم الكتابة والإلهام والموسيقى، الشغف والصداقة ...وحتى لو بدى ذلك مضحكًا الطهي موجود في القائمة XD ! 



*** 

وأنا أترجم الحوار بين البطل وعازف التشيلو استوقفتني عبارة " If I really like it"...
هل يقصد بها "like it" أحب أو رغب أو شاء، فأترجمها: إن كنت أرغب بذلك حقًا!
أم المقصود بها "أحب" و الـ "it" عائدة على الصديق : البيانو / التشيلو!
فأترجمها إن كنت أحبه حقًا..

ثم توقفت عن التساؤل، فالإلهام يريد إيقاعي في شرك الاختيار، هل أنا أحب ذلك؟ أم أرغب فيه؟
ربما الرغبة تبدو أقوى قليلًا ككلمة ..لكن حبي للشيء هو ما يولد رغبتي بفعله أو امتلاكه.
حسنًا أنا أحبها حقًا وأرغب فيها أيضًا! ... كل تلك الأشياء المذكورة في القائمة سأبدًا معها قصة صداقة جديدة :D !!



*** 





                   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق